[font=Arial Black][size=16][color=Blue][b][i]نتخيل
في خريطة الحب أن هناك خطا رئيسيا للحب بجانبه خطوط أصغر متوازية وحوله
خطوط متفرعة أو متقاطعة. وتتوزع موضوعات الحب على هذه الخطوط فبعضها يدخل
على الخط الرئيسي والبعض الآخر يتوزع على الخطوط الموازية أو المتفرعة أو
المتقاطعة. والإنسان [b]–[/b]في حالة كونه ناضجا[b]–[/b]
يستطيع أن يستقبل موضوعات متعددة للحب على هذه الخطوط مع الاحتفاظ
باختلافاتها الكمية والنوعية, ويستطيع أن يجعلها تعمل في تناسق وتناغم دون
أن يلغى بعضها البعض, ولكن غير الناضج لا يقدر على ذلك فنجده يختزل خطوط
الحب في خط واحد يبتلعه بالكامل ويفقد القدرة على السيطرة عليه.
ولكل منا خريطته التي يوزع عليها موضوعات حبه, وتشكل بالتالي تفضيلاته
وتوجهاته بنسبها المختلفة, ولكن تبقى الأهمية الكبرى للموضوع الذي يشغل
الخط الرئيسي
لأن هذا الخط يؤثر على حركة بقية الخطوط وأحيانا يلغيها وأحيانا يدعمها.
والخط الرئيسي قد يشغله حب الله, وقد يشغله حب المال أو حب النساء أو حب
المخدرات أو حب الشهرة أو حب المناصب, وهنا نجد أن الشخصية تتوجه بكل
ملكاتها وقدراتها نحو المحبوب الذي شغل الخط الرئيسي, وقد تضمر بقية
الخطوط أو تتلاشى لحساب الخط الرئيسي وقد تبقى ولكنها تتأثر حتما بالخط
الرئيسي وبالمحبوب الذي شغله.
والوضع الأمثل والأقرب للصحة النفسية [b]([/b]في رأيي الشخصي[b])[/b]
هو أن يخصص الخط الرئيسي لحب الله ثم توزع المحبوبات الأخرى على بقية
الخطوط الفرعية, فهذا التوزيع يضمن للإنسان التوازن والانسجام, وهذا ليس
تعصبا لفكرة دينية بقدر ما هو رؤية موضوعية لضمان عوامل الثبات
والاستقرار, فالله هو المحبوب الوحيد المطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل ولا
يحول ولا يزول, أما غيره من المحبوبات فإنها جميعا نسبية وقابلة للزوال
والتغيير
لا محالة, إما بالموت أو الضياع أو الهجر, ولهذا تهتز التركيبة النفسية
وتتزلزل حين تفقد أحد هذه المحبوبات القابلة للفناء أو الضياع أو التحول
إذا كان أحد هذه المحبوبات يحتل الخط الرئيسي للحب, والذي هو مخصص في
الأساس لحب الله المطلق والدائم.
ومن
هنا كان الصالحون والزهّاد يتحدثون عن قطع العلائق الدنيوية, وهو يعنى
إخلاء الخط الرئيسي لمحبة الله وعدم التورط في محبوبات زائلة تشغل هذا
الخط الهام ثم تزول أو تتحول في لحظة فتترك الإنسان عبارة عن حطام, لأن
هذا الخط الرئيسي للحب هو صمام الأمان وعامل التوازن للشخصية. والأمثلة في
حياتنا كثيرة حين نرى أشخاصا يتعلقون بأشخاص آخرين أو بأشياء دنيوية أخرى
إلى حد العبادة [b]([/b]كما يصفون ذلك في أشعارهم وأغانيهم[b])[/b] وحين يفتقدون هذه التعلقات
[b]([/b]وهذا لابد وأن يحدث بالضرورة للأشخاص والأشياء[b])[/b] يسقطون صرعى للإحباط والضياع, وهؤلاء ينطبق عليهم
قول الله تعالى [b]"[/b]الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً[b]"[/b][b] ([/b]الكهف: 104[b])[/b],
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [b]"[/b]عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه[b]"[/b].
والتوحيد في معناه النفسي يعنى إفراد الله سبحانه وتعالى بالحب[b]
([/b]على الخط الرئيسي الذي لا يلغى أنواعا أخرى من الحب المحمود على خطوط تابعة أو فرعية[b])[/b],
والشرك هو أن يزاحم حب الله حبا لغيره على الخط الرئيسي للحب. وهكذا تبدو
أهمية خريطة الحب كوسيلة للسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة, حتى لا
تبتلعنا محبوبات زائلة تشقينا وتستنزف قوانا وتستعبدنا ثم تتركنا في لحظة
غدر أو هجر فنقع في هاوية الضياع .أقول
هذا وأنا أرى كل يوم أعمارا تضيع في تعلقات زائلة, وإخلاصا شديدا لمحبوبات
تافهة أو عابرة أو خادعة, وإعلانا صريحا عن العشق الذي يصل لدرجة العبادة
لتلك المحبوبات, والذهول في نفس الوقت عن المحبوب الأكبر والأعلى, ألا هل بلغت اللهم فاشهد[/i][/b][/color][/size][/font]